مقطع |
كان الحكيم لقمان رجلا طيبا، يحب الناس، عاش في الوادي وترعرع فيه وله تلاميذ كان يدرسهم منهم عمران الذي نشأ وتربى معه في الوادي، وكان طيب القلب يحب الناس، ويساعدهم وينفعهم.
أدهم
اجتمع أهل القرية؛ لاختيار العمدة جديد لهم، بعد وفاة العمدة السابق، ووقع الاختيار على أدهم صاحب الطاحونة لأمانته وعدله.
كان أدهم في حيرة من أمره؛ بأن يقبل هذه المهمة أم يرفضها فاستشار أمه فأشارت عليه بالذهاب إلى الحكيم لقمان ليساعده.
خرج أدهم للذهاب إلى الحكيم، وقال له ما حصل بالقرية، واختيار أهلها له، سمع الحكيم ما قال أدهم، وأتي بمحفظته جلدية وقدمها لأدهم وطلب منه الاحتفاظ بها، ثم أن يسير في طرقات القرية نهارا وليلا ويتفقد أحوالها، وعليه أن يعيد المحفضة بعد ثلاثة أشهر، شكر أدهم الحكيم وعاد إلى بيته ونفذ ما قال له.
وعنده تنفيذه لنصيحة الحكيم واجه كثيرا من المشاكل في قريته، وأصلحها ومع مرور الوقت أصبح الناس يحبونه وصاروا أكثر التزاما بالنظم والقوانين...
وبعد مرور ثلاثة أشهر ذهب أدهم إلى الحكيم وارجع المحفظة إليه، ولما فتحها وجدها خالية وتعجب أدهم عن السر في تأثيرها على الناس؟
فأجابه الحكيم بأن السر في التجول، وتفقد أحوال القرية وإصلاح ما بها من مشاكل وهذا ما حبب الناس به.
أم الرماد
كان الحكيم لقمان جالسا في ظل الشجرة مع تلميذه عمران ينظر أن إلى فتاة صغيرة اسمها وردة واشتهرت بـ (أم الرماد)
توفيت أمها وهي بالسادسة من عمرها، وتزوج أبيها بزوجه أخرى.
كانت ورده شديدة النشاط والحركة، وكانت زوجة أبيها تكلفها بأعمال المنزل وكانت تنجزها بسرعة واندفاع.
وكانت الخالة أم سعاد تشعل الفرن كل صباح لتخبز وتطهو، وكانت تطلب من وردة تنظيف وكانت تنظفه والرماد يغطيها ولذلك سماها أهل القرية (أم الرماد).
ذهبت أم الرماد إلى الحكيم تطلب منه المساعدة من زوجه أبيها وتشتكي من معاملتها لها حيث كانت تتركها من غير غذاء، وتكلفها من بأعمال شاقه، بينما تجلس بنتها في الدار، ولا تعمل شيئاً وحكت له ما تعمله زوجة أبيها فيها.
سكت الحكيم ثم قص عليها قصة عن فتاة تدعى أم الرماد، وهي مثل قصة وردة تماماً توفيت أمها وتزوج أبيها زوجة أخرى، وعاملتها أسوأ المعاملة وهي في المقابل قصة سندريلا حيث تعني باللغة العربية أم الرماد.
وفي الأخير نصحها الحكيم بمساعدة خالتها وانتظار أبيها لأن ما تقوم به أم سعاد هو إتعاس لأنفسها.
الأمير شداد
دخل على الأمير لقمان فتى يدعى مسعود، وهو فتى يتيماَ رافق لأمير شداد، وطلب منه الحكيم لقمان الذهاب إلى الأمير شداد لأنه يريده لأمر مهم، وقد كان الأمير ظالم لا يحبه أحداً.
وبعد ذلك ذهب الحكيم لقمان، وتلميذه عمران إلى القلعة، لما دخلا على الأمير طلب الأمير شداد من الحكيم بأن ينقذه من الحكيم بأن ينقذه من السم الذي أسقاه الأمير صفوان عندما كان في رحلته معه.
فرد عليه الحكيم بأنه لا يستحق الحياة السعيدة، وشعبه لا يحبونه فغضب الأمير، وأخذ يذكر إنجازاته وأعماله التي عملها لمدينة فرد عليه الحكيم لقمان بأنه بنيانه للبرج سبباً لمراقبته لأهل المدينة وبناء الخندق حولها لكيلا يصل أحد إلى الأمير وزراعته للفاكهة والأشجار ليتباهى بها ويأكل منها.
غضب الأمير من كلام الحكيم فاقترح الحكيم عليه بأنه يذهبا إلى القرية ويسألان أهلها عن حبها للأمير وان وجدوا من يحبه فسوف يساعده الحكيم، وإن لم يجدوا أحداً فسيتركه يموت.
خرجا مع بعضيهما وكان الأمير متنكرا، طاف الحكيم والأمير في أنحاء المدينة يسألون لناس من رجالا ونساء أطفالاً جميعهم قالوا بأنه ظالم ويتمنون التخلص منه..
ندم كثيراً الأمير شداد بعدما سمعه، وأصابه شعور بالخجل والندم ما عمله.
وبعد ذلك عادوا جميعهم إلى القصر وأعد الحكيم الدواء للأمير وقدمه إليه...
حسان
حسان ولد الثالثة عشر من عمره كان يعمل في العطلة الصفية يساعد أمه في تكاليف المعيشة وكان لديه أخت صغيرة يعيش مع أمه في بيت صغير.
وفي يوم من الأيام ذهب حسان إلى الشاطئ النهر يبيع سلة سميط وحينها رآه الحكيم لقمان مع تلميذه فأشار إليه حتى يشتري منه وعندما أتاهما تقدم قبله غلام يبيع كذلك ودفع حسان على الأرض.
غضب الحكيم من فعلته هذه ورد الفلاح ونادى حسان متعجباً من رده فعل حسان بأنه لم يدافع عن نفسه بسبب الخوف فأمره الحكيم بالدفاع عن نفسه، وقال له إن الخوف يؤلم أكثر من الضرب.
فذهب حسان إلى الغلام وضربه حتى سقط على الأرض فتعجب الغلام من فعل حسان، وفرح حسان كثيراً بشجاعته، فباع على الحكيم وأخذ النقود وعاد إلى بيته مسرورا.
أسامينا
كان الحكيم وتلميذه ينتظران إلى قافلة آتية إلى واحة السدر، وطلب عمران من الحكيم أن يقص عليه، ويحدثه عن زيارته إلى واحة السدر، فرد عليه الحكيم بأن سبب هذه الزيارة هو دعوة من السيد عبد السلام، وهو أحد رجال هذه الواحة للحكيم لقمان لزيارته، ولما ذهبت إلى هذه الواحة ضيفه السيد عبد الحكيم وجلسوا معه أصحابه وجيرانه وأخذوا يتسامرون ويتحدثون بأمور الواحة...
وعندما وجه لقمان سؤالا للموجودين عن سبب تغير عاداتهم أبنائهم فقد تعجب من ذلك كثيراً.
فردوا عليه بأن ذلاك سبب بالتطور، واندهش الحكيم من أسمائهم أيضاً فهي أسماء غربية؟ فجابه أحدهم بأن سبب اختيارهم لها لأنها سهلة، وحتى يستطيع أهل الواحات المجاورة من نطقها.
فتعجب الحكيم من ردهم، وقال لهم تغيركم لأسمائكم وأسماء أولادكم وهو سبب في تغيركم، وتغير عاداتكم؟
فشار عليهم الحكيم بالعودة إلى أسمائهم، وأسماء آبائهم، وبهذا سوف تتغير حالكم إلى الأحسن، تعجب الموجودون من كلام لقمان، وما دخل الأسماء في العادات و الأحوال وعندما انتهى الحكيم من سرد قصته اقتربت القافلة واحد السدر، وبينما الحكيم وتلميذه يسيران اقتربا من بستان فجلسوا بجانبه إذا وهو جميل وكبير فسأل الحكيم عن صاحب هذا البستان فقالوا له: إنه بستان ( عنترة) فسأل الحكيم عن عنترة وإذا بأمه حبابه التي نصحها الحكيم بأن تغير اسم ولدها ليصبح مثله فغيرت اسمه من حباب العنترة حيث كان فتى ذا أخلاق ولا يحب الظلم والإهانة ومكافحاً ونشيطاً ويحب عمله .
وفرح الحكيم بعنترة كثيراً بما تغير أحوال الناس في الواحة، وردهم إلى أسمائهم الأولى.
قلعه الدمى
غادرت القافلة واحة السدر متجهة إلى الوادي ولكن عاقت الرياح العاتية مسيرها فقررت إتباع الطريق القديم الذي سيؤدي إلى جنوب المكان المقصود.
وفي طريق القافلة مرت على قلعة ضخمة قائمة وحدها وسط الصحراء لها أبراج عالية وأسوار منيعة وبوابه عملاقة من الحديد تعجبت القافلة من هذه القلعة وضخامتها
وعند وفوقهم تجمع أهل القافلة ورأوا رجلا عجوزاً يقيم في ذلك المكان وذهبوا إليه يسألونه عن هذه القلعة العجيبة، فأجبرهم بأن هذه القلعة تدعى قلعه الصوان، وحاكمها يقال له أمير الصوان فقام، فأجبرهم الرجل العجوز بأمور القلعة وعندما تولى الحكم فيها الأمير صوان ابن الأمير مناع فقد كان قاسي القلب ضيق الصدر حيث عين الأمير صفوان الوزير أبو سعده ليساعده في أمور.
فقد عان الوزير أبو سعده من قسوة الأمير صفوان، حتى سافر إلى الحكيم لقمان يطلب مساعدته ونصيحته، فذهب إليه وشكل له، أمره وتسليط الأمير صفوان عليه وعلى أهل القلعة، فنصحه الحكيم بالذهاب إلى المعلم سرحان صانع الدمى، ويجد الحل هناك، ثم ذهب أبو سعده للمعلم سرحان، وطلب منه أن يصنع له دمية تشبهه تماما، وبعد أسبوع عاد الوزير إلى المعلم سرحان وأخذ منه الدمية، وضعها عند بوابه القصر وتركها وذهب وعاش عند عمه أبو الأسود تدخل وحدها، عاشت الدمية الوزير في القصر دون أن يعرفها أحد، حتى الأمير لم يعرف ولن يكتشف سر هذه الدمية فظن أنها وزيره فعلا، وفرح كثيراً بالتغيرات التي طرأت على وزيره حيث كان لا يعصاه ولا يرده في أمر وبعد ذلاك ضاق مساعدا الوزير من طال القلعة وما وصل إليه وحال الوزير الذي لا يعصي للأمير شيء .
وقرر مساعدي الوزير للسفر إلى الأستاذ أبو الأسود في مزرعته وعندما ذهبوا إليه تفاجئوا بوجود الوزير أبو سعده، وبعد ذلاك فهمهم أبو سعده حقيقة الدمية فقررا المساعدان على أن يعملان مثل ما عمل أبو سعده ويضعان مكانهما دميتن شبيهتين بهما، تعجب الناس من أمر الوزير ومساعدته حال الأمير كذلك، وبعدها كشف سر الدمى التحقوا جميعهم ببستان الأستاذ ابن الأسود.
فعاش الأمير صفوان يأمر وينهى دون أن عصاه أحد فأطلقوا عليه اسم أمير الدمى وأصبحت القلعة تعرف بقله الدمى، وبعدها ساء الناس من أميرهم حيث كان لا يهتم بأحوال القلعة وأهلها فهاجر أهل القلعة ورحلوا إلى الوادي ...
الهدية
وفي إثناء مغادره المركب شاطئ النهر جلس الحكيم لقمان مع تلميذه عمران ورجلين من الركاب يتحدثون عن تاجر غلام مسافر لشراء محصول القمح، والآخر شاب ضعيف فقير لا يملك شيئاً.
وأثناء الليل سمع الحكيم صوت أنين، وإذا بالشاب يهذي ويرتجف فصنع له الحكيم الحساء الساخن، وغطاءه بعباءته الجديدة، واكتفى هو بغطائه القديم، وفي الصباح بحث الحكيم عن الشاب ولم يجده حيث غادر المركب ليلاً، فهب التاجر غضبان على الشاب لأنه سرق عباءة الحكيم، سكت الحكيم، وقال بأنه سامحه، تضايق التاجر من كلام الحكيم وظن انه تهاون عن حقه.
حاول الحكيم أن يتلمس العذر للشاب الذي رحل ولم يتهاون أبدا فهو سامحه على ما فعله، مرت الأيام حتى وصلوا إلى بلده وشكر التاجر الحكيم على ما قدمه له من نصيحة في العفو والسماح فقد عفا من مزارع كان قد أخذ منه بعض من الفول والذرة ولم يعطه حقها وقال له إن العفو والسماح أمران جميلان يسعدان صاحبها بالسعادة والراحة.
سلطان العصر والأوان
في الصباح أتى ضيف إلى الحكيم لقمان، ومعه رسالة من أم همام تقول فيها أن ولدها وزوجها قتلوهم جنود السلطان وتطلب من الحكيم المجيء إليها في جزيرة العصر والأوان.
وعند المساء سافر لقمان وعمران إلى هذه الجزيرة وعندها وصلا باتا ليلتها في الفندق وفي الصباح خرجا ليتفسحا في أنحاء الجزيرة وأثناء جولتهما رأى الحكيم غلام يرعى الغنم فسأله عن أولاد همام حتى يدلهما عليه، وكان هذا الغلام هو أحد أبناء أم همام الأصغر فأخذهم إلى كهفهم واستقبلتهم أم همام ورحبت بالحكيم وعمران.
وبعدها شكت أم همام للحكيم من أفعال السلطان وظلمه منذ أربعين سنه من توليه للحكم وكان الجميع راضيًا وساكتا على ظلمه ما عدا همام ابنها الذي لم يسكت ولذلك قتل هو وأبيه.
حيث كان همام يبث الجرأة والشجاعة والحرية في نفوس أهل الجزيرة في الصباح خرج الحكيم وعمران وبني همام يتجولون في أنحاء المدينة في الأسواق والطرقات، وأثناء تجولهم وإذا بالطبول تدق والناس يغادرون من أعمالهم ويختبئون في المنازل، وعندما فضت المدينة من أهلها، مر الموكب السلطان في الطرقات وأثناء سير الموكب وإذا الحكيم واقف وحده أمام الموكب فتعجب الحرس من وقفته فسألوه ماذا تفعل هنا، ومن أنت؟ لأنه كان غريب عن المدينة فأجابهم بأنه لقمان وأنه يتجول في الأسواق، وبعدها ضربه الحراس على رأسه فأسقطوا عمامته وأخذوا الحكيم ووضعوه بالعربة وساروا به إلى القصر.
ويعد ذلك وضع عمران خطة هو وبن همام ليروا السلطان الضعيف مهزومًا وبعد إعداد الخطة خرجوا متجهين إلى قصر السلطان، وفي الصباح تفاجأ الحكيم برسالة تهدف بالانهيار والضياع إذا لم يطلق سراح الحكيم في اليوم التالي وجد رسالة بها نفس الكلام عند فراشه.
غضب وهاج وأمر تفتيش داخل والخارج من القصر ولكن ذلك لم يمنعه من الوصول رسالة ثالثة تهدده أيضاً، في هذه الأحيان أخذ عمران وبن همام ينشرون الشائعات بين الناس، ويطلبون منهم أن يعملوا مسيرة إلى القصر السلطان فأصبح السلطان يتلقى كل يوم رسالة تهديد فيزداد خوفه وقلقه.
حتى صباح اليوم الآخر وصلته رسالة ينفذ التهديد، صاح الملك وأمر بإحضار الحكيم من السجن التهمه بأن رجال لا يمكنه أن يقتله ضحك الحكيم وسكت.
في الليل فوجئ السلطان بوصول عدل كبير من الناس إلى قصره حاملين معهم الهدايا، ودخلا القصر ولم يستطيع الحراس من منعهم ولما رآهم السلطان صرخ وانهار راكعا على الأرض، فكانت مفاجأة كبيرة أن يروا الناس سلطانهم راكعا أمامهم.
وأمر بالإفراج عن الحكيم للذهاب مع الناس، ويعدها ذهب الناس وخرجوا من القصر، بعد أيام تجمع بن همام لوداع الحكيم وعمران وشكر الحكيم على ما عمله للتأثير في السلطان.
اللمسة الذهبية
كان الحكيم وعمران يجلسان في الميناء ساعة العصر يتحدثان عن قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون وسحره، وفي تلك اللحظة أتى الوزير للحكيم وطلب مقابلة ملك الجزيرة لأمر عاجل، فأنطلق الحكيم ووصلوا إلى القصر وعندما وصلوا جلسوا في قاعة ضخمة كبيرة يملؤها الذهب، وطلب الملك من لقمان أن يمنحه اللمسة الذهبية تشبهاً " بالملك ميداس “في أساطير اليونان القديمة، ابتسم لقمان وتعجب من طلبه لأنه ليس بساحر، ولكن الملك أصر بأن لا يخرج الحكيم من القصر إلا إذا منحه اللمسة الذهبية.
فقال له الحكيم بأن يدفن يديه بين الذهب ويقضي الليلة كلها بين الذهب وخرج لقمان وعمران من القصر، ثم قام الملك بتنفيذ ما قاله الحكيم حتى يكسبه اللمسة الذهبية، وبينما الملك جالس على الأرض واضعاً يديه بين قطع الذهب وإذا الستائر تتحول إلى رقائق من الذهب الخالص، فرح الملك كثيراً فتحول كل شيء من كراسي وأبواب ومرايا وكتب وملابس إلى ذهب!!
فذهب يتناول فطوره مع زوجته وإما أمامه كله ذهب بذهب!!
وبعد قليل أحس الملك بأنه يتناول صنفاً واحداً بلا طعمٍ ولا نكهة، فندم الملك على ما أصاب طعامه، فتمنى لو أنه طلب من الحكيم أن يستثني الطعام و الشراب من اللمسة الذهبية، واعتاد الملك أن تأتي إليه ابنته كل يوم بورده جميلة ولكن الأزهار جميعها تحولت إلى ذهب فانزعجت الأميرة الصغيرة لما أصاب أزهارها لأنها فقدت ألوانها ورائحتها الجميلة، فتمنى الملك لو أنه طلب من الحكيم أن يستثني النباتات من اللمسة الذهبية وعندما دخل الملك غرفته وجد نفسه يمشي على بساط من ذهب وينام على فراش من ذهب، وافتقد ملابسه لأنها تحولت إلى ذهب فتحسر وتمنى لو انه استثنى الملابس و الفرش والبسط من اللمسة الذهبية، وبينما كان الحكيم جالس مع تلميذه عمران يتساءلان عن مدى سعادة الملك الآن بتحول كل شيء إلى ذهب فأجاب الحكيم بأن الذهب لا يجلب السعادة والسعادة ليست بالذهب .
وضاح
مر الصيف وحان موعد جمع القطن حيث تزل الناس إلى الوادي لجمع القطن ونزل عمران بعد استأذنه من لقمان إلى الوادي لمساعده أهله في جمع القطن خصوصا وضاح ابن خالته، كان وضاح يعيش في المدينة النعمانية، ويدرس في معهد من الزراعي وكان معروفا بجده وإصلاحه في أمور حياته، كان عمران و وضاح أكثر من أصدقاء وأخوه فكانا يقضيا وقتهما مع بعض يتسامران ويعملان، انتهى الموسم وذهب عمران إلى الحكيم وذهب معه وضاح، واستأذن الحكيم بمرافقته إلى بيته في العمرانية فأذن له لقمان وسار معهم بات وضاح مع الحكيم وعمران في تلك الليلة مع العم جاب الله حارس مشوبة تخزين القطن في الصباح فحرج و ضاح لمساعدة العم جاب الله في جمع الحطب وإشعال الموقد .
بعد الإفطار انطلق الحكيم ولقمان و وضاح في رحلة إلى ضيعة ( بني عزام) وفي طريقهم أرادوا أن يصلون العشاء فذهبوا إلى المسجد القريب من ضيعه بني عزام وصلوا فيه حيث رحبا بهم أمام المسجد ثم تجمع أهل الضيعة في ساحة المسجد للترحيب بهم، فسألهم وضاح عن سبب جمعهم لأعواد شجرات القطن الجافة لحرقها، فأجابه أمام المسجد بأن أرض الضيعة فقيرة وغير خصبه ولا تحتمل زراعه محصولين في عام واحد واقترح عليهم وضاح بتغطية أشجار القطن بسماد البهائم حتى تتحول إلى أسمدة تفيد الأرض يخصبها فشكك أهل الضيعة والإمام بكلام وضاح، ولكن الحكيم طمأنهم، وأكد ثقته بوضاح وعمله فقام أهل الضيعة وعملوا ما اقترح عليهم وضاح نجح اقتراح وضاح وشكروه أهل الضيعة وقدموا له قدرًا من النحاس محفورا عليها اسم الضيعة تعبيرا عن شكرهم و امتنانهم له .
لكن وضاح لم يأخذ الهدية، وتركها لهم لأنها ستثقل عليه أثناء سيره، غضب عمران من تعرف وضاح وتعجب منه كيف يرد الهدية من الناس الذين قدموها لهم، ثم واصل الحكيم وعمران ووضاح رحلتهما في السير وبعدها جلسوا إلى أن رأوا بحرا مسافرا إلى مدينة العمرانية.
وهنا ودع الحكيم وعمران وضاحًا وتابعا سفرهما إلى الجنوب، وعندما رجع وضاح إلى مدينته علم أن معلمه الأستاذ شهاب في المستشفى قد أصيب بحادث، فأخذ عددا من زملائه وذهبوا لزيارته تقديرا لمعلمهم ولكن الطبيب منعهم من زيارته إلا بعد أسبوعين.
وفي أثناء الأسبوعين عمل وضاح على خدمه معلمه في غيابه حيث يعجب ابنه الصغير إلى مدرسته كال الصباح وكان صباح وكان يرعى أسرته ويقضي حوائجها وبعد مرور الأسبوعين ذهبوا الزملاء إلى وضاح حتى يذهبوا جميعاً إلى الأستاذ ولكن وضاح رفض وقال زيارتي له لا تنفعه بل أعمال التي أقدمها له هي التي نفعته تعجبا زملائه منه وقرر الجلوس المذاكرة دروسه.
وفجأة رفع رأسه وضاح وفر سريعا إلى المستشفى وأرى زملائه مجتمعين عند الأستاذ شهاب واقترب، وضاح من أستاذه وسلم عليه جالبًا معه باقة من الأزهار.
سلامة
كانت سلامة طفلة في الخامسة من عمرها، تلعب في دميتها من القش على هيئة جمل ورأت أبيها قادما ومعه رجلان وعندما أقبلا عليها ركضت إلى أمها تطلب منها تجهيز العشاء لأبيها والحكيم ولقمان وعمران.
وكان أبو سلامة مرزوق يعمل أجيرًا في أرض العمدة، وبعد تناول العشاء جلس سلامة بجانب الحكيم وسألته عن مصادقه الإنسان للأسد رد عليها الحكيم بقصه صغيرة حول رجل هرب من ظلم حاكمه واختبأ في كهف الأسد ووجد فيه الأسد ووجد فيه الأسد يعاني من شوكه حاده انغرست في قدمه فأنقذ الأسد بإخراج الشوكة من قدمه وأصبح صديقه..
فسأله لقمان سلامة إذا رأت أسد من قبل فأجابت بأنها رأت صورته في كتاب ابن عمها و بعد سماعها للقصص تمنت أن تصادق أسدا، وبعدها نامت سلامة ورأت بمنامها إنها استيقظت في الصباح الباكر فوجدت أسدا كبيراً واقفاً أمامها، وكان يتألم من شوكة برجله فساعدته سلامة على إخراجها فأصبح صديقها وحملها على ظهره وسار بها إلى الكتاب، فلم يجرؤ أحد على الاقتراب من سلامه فكان الأسد يحميها، و في الغداء جلست سلامة مع الأسد و تقاسمت الفطيرة معه، وفي طريقها رأت سلامة عساف ابن العمدة، وركض نحوها وأمسك بالخرج وحاول انتزاعه من يدها، فزأر الأسد زئيراً عالياً فانطلق عساف يجري ويبكي من الخوف ؛ فرحت سلامة كثيراً وظلت تضحك وتضحك حتى استيقظت على أذان الفجر .
ومنذ ذلك اليوم تغير حال سلامة فأخذت تذهب إلى الكتاب وتشارك الصبية طعامهم وألعابهم بعد أن كانت تخاف منهم، وفي اليوم التالي أتت أمها سعدية إلى السوق لبيع الدجاج والبيض وقفت سلامه بجوارها بغير أن تمسك بثوب أمها كما كانت تفعل. وفجأة مر العمدة ويحاوره ابنه عساف، فكان العمدة يشير إلى شيء ويجلبه حرسه له من غير ثمن والناس ساكتين ليس بأيديهم شيء، ثم اقترب العمدة وأشار إلى ديك رومي عند أم سلامة فتقدم الحرس وحملوه فهبت سلامة على العمدة على أن يدفع ثمنه.
فأخذت سلامه تصيح للناس بأن لا يخافوا منه ولأنه ضعيف وعند رجوعها للبيت تعجب الحكيم من جرأة سلامه وسأل أهلها من أين استمدت هذه الجرأة فأجابت سلامه بأن كان لديها صديق قوي وهو أسد كبير، مرت الأيام وخرج العمدة يتفقد أحوال شعبه وأرضه فمر على مجموعة مزارعين نائمين فصرخ عليهم بأن يعملوا ولا يتكاسلوا وكان مرزوق أبو سلامه معهم وتذكر قصة ابنته واستجمع شجاعته وقال للعمدة لقد عملنا والآن وقت راحتنا تعجب العمدة من رد مرزوق وغضب وضرب فرسه بعصاه، وأخذ حراسه يضربون العمال حتى سقطوا على الأرض.
وبعدها أخذ أهل القرية يناقلون قصة سلامة ويرددونها ليثتمدوا القدرة على مواجهة العمدة.
الأمير جعفر
كان الحكيم لقمان وتلميذه يهبطان الجبل في طريقهما إلى الوادي، وإذا بفتى مقبلاً من بعيد ينادي للحكيم لقمان، وأقبل يسلم على الحكيم ثم عرفه على عمران بأنه الأمير جعفر حيث كان تلميذاً عنده، عادوا الثلاثة إلى البيت، وشربوا الشاي كان جعفر يعيش في النعمانية حيث تولى حكمها حيث كان لديه أصحاب وأحباب ولكن عندما تولى الحكم تخلى عن الجميع فلم يحبونه ولا يثقون به وتعجب الحكيم من إخلاص جعفر لأهله ولكن لا يبادلونه هذا الإخلاص فنصحه الحكيم أن يزيد في إخلاصه وحبه كي يحبه شعبه.
فذهب جعفر إلى النعمانية وذهب الحكيم وعمران في رحلتهما وبعد أيام وشهور ذهب الحكيم وعمران إلى ميناء النعمانية، وركبوا السفينة وإذا بمسافر متلحف بعباءة ولما اقترب منه عمران، وإذا بالأمير جعفر، وفي المساء جاء الأمير جعفر إلى الحكيم وقال له مشكلته إنها مازالت قائمة فأصدقائه جميعهم ابتعدوا وتخلوا عنه؛ وطلب منه الحكيم بمعرفة حقوقهم بأكمل وجه وتفضيلها على مصالحه حتى يثقوا به. ثم غادر الأمير وغادرت السفينة، وبعد مرور عام ذهب الحكم لقمان وتلميذه إلى النعمانية وطلبوا مقابلة الأمير جعفر، ولكن لم يجدوه لأنه لم يعد أميراً، ثم انطلقا إليه في مزرعته الموجودة في شرق النعمانية، واعتزل جعفر الحكم لأنه يحب شعبه ويفضل مصالحهم عليه لذلك أعتزل الحكم.
لا تكنس السلم
كان شعبان ورمضان أخوين فقيرين يعيشان بين حقير وصغير؛ وكان في مقابل بيتهما دار كبيرة بها حديقة واسعة يسكنها السيد جلمود وخادمه ومساعدوه، كان رمضان يعاني من عرج شديد في ساقه اليسرى، حيث عمل كانساً في البلدية يكنس الشارع المقابل لبيتهما مقابل أجر قليل أما شعبان كان يكنس سلم دار السيد جلمود.
وفي يوم من الأيام خرج السيد جلمود وصاح لرمضان على أن يبتعد عن كنس الشارع لأنه منظره يزعجه، ولكن رمضان رفض لأنه عمله ولا يستطيع تركه، وفي اليوم التالي خرج السيد جلمود ونادى شعبان ورمضان ولطم رمضان لطمة قوية على وجهه وسكت شعبان وانحنى للسيد احتراماً ولم يدافع عن أخيه.
وفي اليوم التالي نادى السيد جلمود رمضان مرة أخرى وظن رمضان أنه يريد الاعتذار منه ولكن كرر فعلته، ولطم رمضان وانحنى شعبان للسيد جلمود كما فعل المرة السابقة، استمر هذا الحال عدة أيام، وكان شعبان فيكل مرة يستجمع قواه للدفاع عن أخيه، ولكن لا يستطيع أمام السيد جلمود، وفي ذات يوم خرج شعبان هائماً على من شدة النوم والخجل إلى سوق المدينة ورآه عمران وتذكر شعبان و رمضان، ودعاه إلى الغداء و عندها حتى شعبان ما حصل له و لأخيه لعمران، وفي الصباح نزل سائق السيد جلمود ولطم رمضان على وجهه وكان عمران عندهم فاعترضه عمران فنزل فلطم عمران و أسقطه أرضاً، ثم غادر عمران وجاء لأستاذه لقمان، وحكى له ما حدث، و قال الحكيم أن أحوالها لن تتعدل إلا إذا امتنع شعبان عن كنس السلم مرت الأيام، والحال كما هو لا بل صحة رمضان كانت تتدهور بسبب اللطم الدائم، فمر عمران عليهم ودعا شعبان أن يأتي للحكيم وشكى شعبان للحكيم قصته فأمره بأن لا يكنس سلم السيد جلمود تعجب شعبان لأنه عمله الوحيد الذي يقتضي أجره منه، ففكر شعبان بكلام الحكيم ولكنه لم ينفذه بل استمر بكنس السلم و يستلم أجره .
حتى جاء يوم ولم يحتمل الإهانة، وامتنع عن كنس السلم لأول مرة، وفي أحد الأيام أتى السائق ولطم رمضان كعادته فهب شعبان على السائق للدفاع عن أخيه ودفعه دفعةً قوية وفي اليوم التالي منع شعبان السائق من دخول البيت وفي اليوم الثالث دخل السيد جلمود حاملاً سوطه فأسرع شعبان ولطمه لطمةً قوية |